تدمير بساتين الزيتون والمزارع في جنوب لبنان في ظلّ تصاعد العنف عبر الحدود وإجبار 86,000 شخص على النزوح

Monday 5 February 2024

 

بيروت، 1 شباط 2024 – فقدت عشرات  آلاف العائلات في جنوب لبنان مصادر رزقها كما خسر العديد منها منازلهم في الأشهر الأربعة الماضية بعد تصاعد العُنف عبرالحدود بين لبنان وإسرائيل، وتدمير حوالي 47,000 شجرة زيتون ومحاصيل أخرى خلال فترة الحصاد، بحسب جمعيّة إنقاذ الأطفال.

 

أدّى تزايد عمليات القصف المستمر عبر الحدود وإطلاق الصواريخ بين لبنان وإسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول إلى اندلاع حرائق في بساتين الزيتون والمجتمعات الزراعية القريبة التي تُعد منطقة زراعية رئيسية.

 

لقد نزح أكثر من 86,000 شخص، من بينهم حواليّ 31,000 طفل، من القرى والبلدات في جنوب لبنان نتيجة لذلك، وفقًا للمنظمة الدولية للهجرة. تُغادر العديد من العائلات منازلها حاملةً معها ما تستطيع حمله فقط ويعاني العديد منها من النزوح للمرة الثانية، بما في ذلك النّساء والأطفال اللبنانييّن واللاجئين الذين كانوا يعيشون في مخيّمات غير الرّسمية في جنوب لبنان.

 

ويضم قطاع الزّيتون في لبنان أكثر من 110,000 مزارع،  ويشمل نحو 12 مليون شجرة زيتون بحيث تغطّي حوالي ربع المساحة الزّراعية في البلاد. ويشكّل حصاد الزيتون مصدر دخل رئيسي للعديد من القرويين ويُمثّل إنتاج الزيتون 7% من النّاتج المحلّي الإجمالي الزّراعي في لبنان، وفقًا للأمم المتحدة. بالإضافة إلى ذلك، أثّرت الحرائق على مزارع الحمضيّات ومزارع الموز وأراضي المراعي.

 

قال رامي*، 14 عاماً، الذي نزح مع عائلته ويقيم حالياًّ في مركز للنّازحين داخلياً بدعم من جمعيّة إنقاذ الأطفال:

"كنت أحضر الوقود لمنزلنا عندما سمعت الغارات الجويّة الإسرائيليّة. ركضت إلى المنزل وتمكنّت فقط من الحصول على دواء والدي. إنّه مصاب بالسّرطان وكان هذا هو الشّيء الوحيد الّذي تمكّنت من الحصول عليه قبل أن نضطر للهرب، في اللّيل، إلى مكان أكثر أمانًا. ليس لديّ أصدقاء هنا يمكنني اللّعب معهم. أريد أن تتوقّف الحرب وأن أعود إلى المنزل."

 

قال حسن*، 52 عامًا، مُزارع، إنّ منزله وأرضه تعرّضا للقصف في 27 أكتوبر/تشرين الأول، وأضاف:

" رزقي وحياتي مترابطان مع الأرض. لديّ أشجار زيتون وجوز و200 دجاجة. كنّا قد بدأنا للتوّ حصاد الزيتون، قبل أن نضطر إلى النّزوح. كان لديّ هذا العام أكثر من 300 شجرة زيتون يصل عمر بعضها إلى الـ 90 عامًا. لقد دُمّر كلّ شيء الآن. لم يعد بإمكاني إطعام عائلتي وأطفالي السّبعة. لا أعرف ما إذا كنت سأتمكّن من إعادتهم إلى المدرسة. عندما نعود إلى قريتنا، يجب أن أبدأ من الصّفر."

 

وذكرت الأمم المتحدة أنّ القِتال أثّر بشدّة على قطاع الزّراعة في جنوب لبنان ، والّذي يُعدّ مصدر رئيسيّ لكسب الرّزق والدّخل للأسر، خلال "فترة حرجة" بسبب الحصاد وتحضير الأراضي للموسم المقبل. وتشمل الأضرار تدهور الأراضي والتلوث الكيميائي والتلوّث الناجم عن مخلّفات المتفجّرات.

 

أعلنت وزارة البيئة اللبنانيّة مؤخرًا أنّها عثرت على مستويات مرتفعة من المعادن الثّقيلة و900 ضُعف الكميّة الطّبيعية من الفوسفور في التّربة في المناطق الّتي تعرّضت للقصف المدفعيّ الإسرائيليّ ولقنابل الفوسفور الأبيض، وهو سلاحٌ حارقٌ، مما يشكّل خطرًا على الصّحةِ العامّة والبيئة المحليّة.وأفادت وزارة الصحّة العامة اللبنانيّة أنّ استخدام الفوسفور الأبيض في لبنان أدّى إلى تعريض حياة المدنيين للخطر الشّديد، حيث تمّ نقل العديد منهم إلى المستشفيات وأدّى إلى نزوحهم، كما اشتعلت النّيران في منازلهم وأراضيهم، مما جعل المنازل غير صالحة للسّكن والأراضي غير صالحة للزّراعة.

 

قالت جينيفر موورهيد، المديرة العامة لجمعيّة إنقاذ الأطفال:

 

"لقد بدأ السّيناريو الأسوأ يتحوّل إلى حقيقة واقعة. نحن نشهد نزوح آلاف الأطفال من منازلهم وفقدان العائلات لمحصولها بالكامل، أيّ مصدر دخلها الوحيد. قبل هذا التّصعيد، كانت المجتمعات المحلية في لبنان تواجه بالفعل أزمات متعدّدة، بما في ذلك أزمة اقتصاديّة عميقة وشلل في الحوكمة، ممّا أدّى إلى زيادة مخاطر حماية الأطفال في جميع الفئات السكّانيّة.

 

إنّ أي تصعيد إضافي للأعمال العدائيّة يعني خسارة غير مقبولة في الأرواح البشريّة مع ما يترتّب على ذلك من آثار رهيبة وبعيدة المدى على حياة الأطفال وعائلاتهم وسبل عيشهم. وكما هو الحال دائماً، سيتحمّل الأطفال وطأة النّزاع.  إننا نحثّ بقوّة جميع الأطراف على احترام القانون الإنساني الدولي وتهدئة هذه الأزمة فوراً. يجب على جميع الأطراف حماية المدنيين والتّركيز على الجهود الدبلوماسية لحماية مستقبل الأطفال في لبنان والمنطقة."

 

تعمل جمعيّة إنقاذ الأطفال في لبنان منذ عام 1953. وعلى مدار أكثر من ستة عقود، استخدمت منظمة إنقاذ الأطفال نُهُجًا قائمة على الحقوق لزيادة فرص حصول الأطفال والمراهقين والشباب على التعليم الجيد؛ وتعزيز مشاركة الأطفال وحمايتهم على مستوى الأسرة والمدرسة والمجتمع المحلي؛ وزيادة الأمن الغذائي والحصول على فرص كسب العيش والمياه النظيفة والمأوى المناسب.

 

ملاحظة:

أرقام المنظمة الدولية للهجرة، من بين النازحين البالغ عددهم 87,000 نازح، 52% منهم من الإناث و37% منهم أطفال: https://dtm.iom.int/lebanon